باب ناين
X اغلاق

اختبار القدرات التجريبي الأول القسم الأول لفظي


شارك من خلال

قطعة استيعاب المقروء

1 أغرق السلوكُ الاستهلاكيُّ المكثّف الإنسان في طوفان من مشكلات تلوث البيئة، وما لم يأخذ حذره فقد يغرقه هذا السلوك في طوفان حقيقي ولا ينبغي أن يُلْتَفَتَ إلى ما يردده الكثير من البشر اليوم من أن الإنسان في عصرنا أسوأ منه في الأزمنة الماضية، فلكل عصر حسناته وسيئاتهغير أن السلوك الاستهلاكي الشّره للإنسان المعاصر هو أكبر مشكلاته التي خلقت تلوثاً بيئياً يهدد كوكب الأرض بمخاطر جمّة

2 إن الوعي البيئي لدى الإنسان الحديث، خاصة في الدول الصناعية المتقدمة، غاية في النضج غالباً؛ لكن سلوكه تجاه البيئة عموماً لا يُجسِّد ذلك ففي دراسة أُجرِيَت في ألمانيا عن الهموم الحياتية من وجهة نظر المواطن الألماني، احتل التلوث البيئي المرتبة قبل الأخيرة وقد كان ذلك في أوائل الثمانينيات، لكن بحلول عام 1984م قفز هذا الهم إلى المرتبة الثانية ومنذ عام 1989م بدأت مشكلة التلوث تحتل المركز الأول في الاهتمام الشعبي في ألمانيا

3 وقد أظهرت نتائج الدراسة السابقة أيضاً أن نسبة المواطنين الذين أبدوا استعداداً لتغيير أساليب تسوُّقهم وتحمُّل بعض التضحيات من أجل صيانة البيئة أخذت في الازدياد كذلك ومع ذلك، فلم يحدث أي تغيير في واقع الأمر بخصوص السلوك الاستهلاكي للمواطن الألماني على أن هذا النوع من السلوك الاستهلاكي ليس حكراً على الشعب الألماني أوغيره من الشعوب

4 ولعل الكمّ الهائل من الإعلانات الدعائية في وسائل الإعلام في جميع دول العالم هو أحد مؤشرات النزعة الاستهلاكية التي ألـمّت بالبشر في العصر الحديث؛ ذلك أن هذه الإعلانات لا جدوى منها، ما لم يكن الاستهلاك يغطي تكاليفها ويزيد كثيراً والواقع أنه ما من سلعة إلا ابتكر منتجوها وسائل للدعاية تغري باقتنائها، حتى أصبح الإنسان الحديث ليس مجرد كائن استهلاكي، بل متخبط في استهلاكه، ومخدوع فيه أحياناً

5 ويبدو أن إنسان اليوم يعيش بأسلوب استهلاكي غير مسؤول، وكأنه يقول أنا وبعدي الطوفان لكنه، بحكم غريزة الحفاظ على النفس من الانقراض، لا بد من أن يشغل فكره دائماً بالسؤال عن شكل البيئة التي سوف يتركها لأبنائه وأحفاده ومهما يكن من أمر الحاضر، فإن من المتيقَّن أن العقود القليلة القادمة ستشهد تغيراً كبيراً في السلوك الاستهلاكي